خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : حق العمل
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق العمل ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 8 شوال 1444 هـ ، الموافق 28 أبريل 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حق العمل : كما يلي:
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ
ثانيًا: حقوقُ العاملِ وواجباتُهُ
ثالثًا: العملُ ضربٌ مِن ضروبِ العبادةِ في الإسلامِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 28 أبريل 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حق العمل : كما يلي:
خطبة بعنوان: حقُّ العملِ
بتاريخ: 8 شوال 1444هـ – 28 إبريل 2023م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ
للعملِ أهميةٌ كُبرَى ومكانةٌ رفيعةٌ في الإسلامِ، لذلك أمرنَا اللهُ سبحانَهُ بالسعيِ والضربِ في الأرضِ مِن أجلِ الرزقِ، قالَ تعالي: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ( الملك: 15)، ويقررُ الإسلامُ أنَّ حياةَ الإيمانِ بدونِ عملٍ هي عقيمٌ كحياةِ شجرٍ بلا ثمرٍ.
فالإسلامُ لا يعرفُ سنًّا للتقاعدِ، ولذلك يدفعُنَا النبيُّ ﷺ دفعًا إلى حقلِ العملِ حتى عندَ قيامِ الساعةِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فليغرسها”. [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح ].
كما حثّنَا على اتخاذِ المهنةِ للكسبِ، فهي خيرٌ مِن المسألةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ” (الترمذي وحسنه).
لذلك كان سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ يهتمُّ بالعملِ والترغيبِ فيهِ فيقولُ: ما مِن موضعٍ يأتينِي الموتُ فيهِ أحبُّ إلىَّ مِن موطنٍ أتسوقُ فيهِ لأهلِي أبيعُ وأشترِي، وكان إذا رأي فتىً أعجبَهُ حالهُ، سألَ عنهُ: هل لهُ مِن حرفةٍ؟ فإنْ قيلَ: لا. سقطَ مِن عينيهِ، وكان إذا مُدِحَ بحضرتهِ أحدٌ سألَ عنهُ: هل لهُ مِن عملٍ؟ فإنْ قيلَ: نعم. قال: إنَّهُ يستحقُّ المدحَ، وإنْ قالُوا: لا. قال: ليس بذاك ، وكان كلّمَا مرّ برجلٍ جالسٍ في الشارعِ أمامَ بيتهِ لا عملَ لهُ أخذَهُ وضربَهُ بالدرةِ وساقَهُ إلى العملِ وهو يقولُ: إنَّ اللهَ يكرَهُ الرجلَ الفارغَ لا في عملِ الدنيا ولا في عملِ الآخرةِ. وكان يقولُ أيضًا: “مكسبةُ في دناءةٍ خيرٌ مِن سؤالِ الناسِ، وإنَّ اللهَ خلق َالأيديِ لتعملَ فإنْ لم تجدْ في الطاعةِ عملًا وجدتْ في المعصيةِ أعمالًا “. وكان سعيدُ بنُ المسيبِ يتاجرُ بالزيتِ ويقولُ: واللهِ ما للرغبةِ في الدنيا ولكنْ أصونُ نفسِي وأصلُ رحمِي.”، وكان إبراهيمُ بنُ أدهمَ إذا قيلَ لهُ : كيفَ أنتَ ؟ قال : بخيرٍ ما لم يتحملْ مؤنتِي غيرِي. (إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي).
إنَّ العملَ شرفٌ، ولو لم يكنْ الإنسانُ في حاجةٍ للعملِ، لكان عليه أنْ يعملَ للمجتمعِ الذي يعيشُ فيهِ، فإنَّ المجتمعَ يعطيه، فلابدَّ أنْ يأخذَ منهُ على قدرِ ما عندَهُ. يُروَى أنَّ رجلًا مرَّ على أبي الدرداء الصحابِيّ الزاهدِ – رضي اللهُ عنه- فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختهِ وهرمهِ، فقالَ لهُ: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلّا بعدَ كذا وكذا عامًا ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَّ أنْ يكونَ لي أجرهَا ويأكلُ منهَا غيري!!
وأكثرُ مِن ذلك أنَّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانيِ فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ ﷺ يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]. وبذلك يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدوابَ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة
ثانيًا: حقوقُ العاملِ وواجباتُهُ
هناكَ عدةُ حقوقٍ للعاملِ، كما أنّ عليه واجباتٍ تجاهَ عملهِ، فأمَّا الواجباتُ فكثيرةٌ منها:
إتقانُ العملِ: وذلك بأنْ يؤدَيَهُ عَلَى الوجهِ الأكملِ حتى ينالَ محبةَ اللهِ تعالى، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».( الطبراني).
ومنها: الوفاءُ بالوعدِ: لأنَّ إخلافَ الوعدِ مِن علاماتِ النفاقِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ “.(متفق عليه).
ومنها: الأمانةُ: لأنَّ العاملَ أمينٌ على العملِ الذي كُلِّفَ بهِ، وقد قالَ اللهُ تعالَى في ذلك: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}. (القصص: 26).
ومنها: عدمُ الغشِّ: وذلك بأنْ لا يغشَّ صاحبَ العملِ في ما كُلفَ بهِ مِن عملٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». ( مسلم).
وفي مقابل هذه الواجبات هناك حقوق للعامل كثيرة من أهمها:
ومنها: استيفاءُ الأجرِ: فقد حثَّ النبيُّ ﷺ على تعجيلِ أجرةِ العاملِ فورَ انتهاءهِ مِن عملهِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ».( ابن ماجة).
ومنها: عدمُ تكليفهِ ما لا يطيقُ: إعمالًا لقولِ اللهِ تباركَ وتعالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}. (البقرة: 286). وقولِ الرسولِ ﷺ: « إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». (البخاري).
ومنها: حقُّ العاملِ في أداءِ ما افترضَهُ اللهُ عليهِ: فيجبُ على صاحبِ العملِ أنْ يمكّنَ العاملَ مِن أداءِ ما افترضَ اللهُ عليهِ مِن طاعةٍ، كالصلاةِ والصيامِ، ولا يجوزُ له منعهُ مِن ذلك، بل العاملُ المتدينُ أقربُ الناسِ إلى الخيرِ، وأداءِ عملهِ بإخلاصٍ ومراقبةٍ وأمانةٍ، وصيانةٍ لما عُهِدَ إليهِ بهِ مِن العملِ، وليَحْذرْ صاحبُ العملِ أنْ يكونَ مِمَّن يصدُّ عن سبيلِ اللهِ، ويعطلُ شعائرَ الدينِ، قالَ تعالى : {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}. (إبراهيم :3).
وهكذا بقيامِ العاملِ بواجباتهِ على أكملِ وجهٍ دونَ تقصيرٍ أو إهمالٍ، وحصولهِ على حقّهِ دونَ بخسٍ أو نُقصانٍ، فإنَّ الحياةَ تستقيمُ، ويعيشُ الجميعُ في سعادةٍ ورخاءٍ، وينصلحُ حالُ البلادِ والعبادِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة
ثالثًا: العملُ ضربٌ مِن ضروبِ العبادةِ في الإسلامِ
مِن عظمةِ الإسلامِ وروحهِ أنَّه صبغَ أعمالَ المسلمِ – أيًا كانت هذه الأعمالُ دنيويةً أو أخرويةً – بصبغةِ العبادةِ إذا أخلصَ العبدُ فيهَا للهِ سبحانَهُ وتعالَي، فالرجلُ في حقلهِ، والصانعُ في مصنعهِ، والتاجرُ في متجرهِ، والمدرسُ في مدرستهِ، والزارعُ في مزرعتهِ،….. إلخ . كلُّ هؤلاءِ يُعتبرونَ في عبادةٍ وجهادٍ، إذا ما أحسنُوا واحتسبُوا وأخلصُوا النيةَ للهِ تعالي في عملهِم، وقد مدحَ الشرعُ الحنيفُ هؤلاء كما جاءَ في القرآنِ والسنةِ، قالَ تعالي:{ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّه وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } (المزمل: 20). يقولُ الإمامُ القرطبيُّ في تفسيرهِ لهذهِ الآيةِ: “سوّى اللهُ تعالَي في هذه الآيةِ بينَ درجةِ المجاهدين والمكتسبين المالَ الحلالَ، فكان هذا دليلًا على أنّ كسبَ المالِ بمنزلةِ الجهادِ لأنَّهُ جمعَهُ مع الجهادِ في سبيلِ اللهِ”
وقد أكدَ الرسولُ ﷺ لأصحابهِ هذه الحقيقةَ. فعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ، قَالَ: ” مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:”إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ”. [الطبراني ورجاله رجال الصحيح ]، وقال لسيدِنَا سعدٍ:” إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ”(البخاري) .
بل إنَّ الإسلامَ يذهبُ إلى أبعد مِن ذلك فيعدَّ المعاشرةَ الزوجيةَ طاعةً وقربةً وعبادةً، مع أنَّ فيها مآربَ أُخرى للزوجين، وفي ذلك يقولُ ﷺ: “وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا”(مسلم) ، يقولُ الإمامُ النوويُّ – رحمه اللهُ -: ” في هذا دليلٌ على أنَّ المباحاتِ تصيرُ طاعاتٍ بالنياتِ الصادقاتِ، فالجماعُ يكونُ عبادةً إذا نوىَ بهِ قضاءَ حقِّ الزوجةِ ومعاشرتهَا بالمعروفِ الذي أمرَ اللهُ تعالَى بهِ، أو طلبَ ولدًا صالحًا، أو إعفافَ نفسهِ، أو إعفافَ الزوجةِ ومنعهمَا جميعًا مِن النظرِ إلى حرامٍ، أو الفكرِ فيهِ، أو الهمِّ بهِ، أو غيرِ ذلك مِن المقاصدِ الصالحةِ.” أ.ه
إذنْ فالإسلامُ يعتبرُ سعىَ الإنسانِ على نفسهِ وولدهِ جهادًا وعبادةً يُثابُ عليها في الآخرةِ، ولو فطنَ كلُّ فردٍ إلى هذه الحقيقةِ لما توانيَ لحظةً في أداءِ عملهِ، بل إنَّه يسارعُ إلى أداءِ عملهِ بجودةٍ وإتقانٍ وإخلاصٍ، لا مِن أجلِ الحصولِ على المالِ فحسب، وإنّمَا مِن أجلِ الثوابِ الجزيلِ والأجرِ العظيمِ الذي أعدَّهُ اللهُ لهُ في الآخرةِ.
يؤخذُ مِن كلِّ ما سبقَ أنّ العملَ عبادةٌ، ولكنْ في غيرِ وقتِ العبادةِ؛ لأنَّ اللهَ وقَّتَ الصلاةَ بوقتٍ فقالَ تعالَى: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103 )، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }.( الجمعة : 9 – 11 ).
يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ:” لَمَّا حَجَرَ اللهُ عليهِم في التصرفِ بعدَ النداءِ بيعًا وشراءً وأمرَهُم بالاجتماعِ، أذنَ لهم بعدَ الفراغِ في الانتشارِ في الأرضِ والابتغاء مِن فضلِ اللهِ، كما كان عرَاكُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه إذا صلّى الجمعةَ انصرفَ فوقفَ على بابِ المسجدِ، فقالَ: اللهُمّ إنّي أجبتُ دعوتَكَ، وصليتُ فريضتَكَ، وانتشرتُ كما أمرتنِي، فارزقنِي مِن فضلِك، وأنت خيرُ الرازقين . وقد عاتبَ اللهُ بعضَ الصحابةِ، إذ قدمَ المدينةَ عيرٌ تحملُ تجارةً، فانشغلُوا بها وتركُوا الخطبةَ، ولم يبقَ معهُ ﷺ إلّا اثنَا عشرَ رجلًا فأنزلَ اللهُ: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}” أ.ه
“وقِيلَ: إنَّ رجلينِ كانَا في عهدِ النبيِّ ﷺ، أحدهُمَا بياعًا فإذا سمعَ النداءَ بالصلاةِ فإنْ كانَ الميزانُ بيدهِ طرحَهُ ولا يضعهُ وضعًا، وإنْ كان بالأرضِ لم يرفعْهُ. وكان الآخرّ قينًا يعملُ السيوفَ للتجارةِ، فكان إذا كانتْ مطرقتهُ على السندانِ أبقاهَا موضوعةً، وإنْ كان قد رفعهَا ألقاهَا مِن وراءِ ظهرهِ إذا سمعَ الأذانَ، فأنزلَ اللهُ – ثناءً عليهمَا وعلى كلِّ مَن اقتدَى بهمَا – قولَهُ تعالَى: { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ( النور: 37).( تفسير القرطبي).
وبعدُ، فهذه رسالةٌ أحببتُ أنْ أبلغهَا لإخوانِي وآبائِي الذين يعملونَ في حقولِهِم وزراعاتهِم وتجاراتهِم – حُبًّا لهُم وإشفاقًا عليهم – أنْ لا تشغلهُم عن ربِّهِم، اللهُمّ إنّي قد بلَّغتُ اللهُمّ فاشهدْ يا ربَّ العالمين.
نسألُ اللهَ أنْ يباركَ في أعمالِنَا وأرزاقِنَا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف